«هيئة الأسواق»: شطب الشركات ليس «طوق نجاة» لمسؤوليها

قرارات عدة صدرت بحق إداراتٍ تنفيذية وأعضاء مجالس إدارات بعد إلغاء الإدراج
– اتخاذ إجراءات بحق الشركة يعزّز موقف صغار مساهميها باللجوء إلى القضاء
– يمكن لـ «الصغار» رفع دعاوى عن مسؤولية إدارة الشركة ومراقبي حساباتها
نفت مصادر رقابية مسؤولة لدى هيئة أسواق المال ما يُثار أحياناً حول اعتبار شطب الشركات بمثابة «طوق نجاة» للمتنفذين أو أصحاب القرار فيها للاستئثار بها بعيداً عن أعين الرقابة، وبما يمثل مزيداً من الضرر على صغار المساهمين.
وقالت المصادر : «هذا غير صحيح تماماً، فمجرد شطب الشركة أو اتخاذ أي إجراء احترازي أو تأديبي ضد العاملين فيها يُعد أبلغ دليل على وقوعهم في كنف المخالفة»، موضحة أن ذلك من شأنه تعزيز موقف صغار المساهمين في اللجوء إلى القضاء من خلال رفع دعوى فردية أو جماعية عن مسؤولية أعضاء مجلس الإدارة وإدارتها التنفيذية ومراقبي الحسابات، أو دعوى البطلان على الشركة أو على أعضاء مجلس الإدارة مجتمعين أو منفردين، وهو ما يؤكد حرص «هيئة الأسواق» على حماية صغار المساهمين.
وتابعت المصادر أنه ليس صحيحاً أن شطب الشركة يجنّبها الرقابة، فهي تظل تحت رقابة وزارة التجارة فضلاً عن «هيئة الأسواق»، إذا لم تقم بعقد الجمعية العامة خلال 3 أشهر لمناقشة أسباب الشطب وكيفية تفاديه.
وأشارت إلى أن المادة رقم (297) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بإصدار قانون الشركات نصت على أنه إذا «تبين لوزارة التجارة والصناعة وجود مخالفات لأحكام هذا القانون أو عقد الشركة، أو أن القائمين على إدارة الشركة أو مؤسسيها قد تصرفوا تصرفات تضر بمصالح الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو تؤثر على الاقتصاد الوطني، وجب عليها دعوة الجمعية العامة العادية أو اجتماع الشركاء لتصحيح هذه المخالفات خلال 15 يوماً من تاريخ انعقاد الاجتماع، وإخطار جهات التحقيق المختصة بذلك. وتبين اللائحة التنفيذية إجراءات تقديم الشكاوى من أصحاب الشأن وكيفية بحثها من قبل الوزارة».
وأكدت المصادر أن الهيئة تقوم باتخاذ الإجراء الواجب اتخاذه تجاه المخطئ أو مرتكب المخالفة، أياً كانت صفته في الشركة وبغض النظر عن حالة إدراجها، منوهة إلى أن قرارات عدة صدرت بحق إداراتٍ تنفيذية وأعضاء مجالس إدارات بعد إلغاء الإدراج، فضلاً عن مساءلة مجلس الإدارة تأديبياً في حال عدم التزامه بالإجراءات الواجبة بعد الإلغاء.
وعن الأسباب التي تمنع أن تكون العقوبات موجهة مباشرة للإدارات المسؤولة عن تعثر الشركات المشطوبة، خصوصاً أن التجربة أثبتت أن الشطب ربما يمثل طوق نجاة لهم للاستئثار بالشركات بعيداً عن أعين الرقابة وبما يمثل مزيداً من الضرر على صغار المساهمين، أفادت المصادر بأن من أهم الأهداف المنوطة بالهيئة بشكل أساسي توفير الحماية للمتعاملين في نشاط الأوراق المالية، مبينة أنه وفقاً لذلك، تقوم الهيئة بشكل مباشر بتوجيه المخالفات التي تنبني عليها العقوبة التأديبية على العاملين بالشركة بصفاتهم كأعضاء مجالس الإدارة أو العاملين بالإدارة التنفيذية أو اللجان، سواء كانت الشركة مدرجة في البورصة أو مشطوبة، وذلك إعمالاً للمادة (201) من قانون الشركات التي نصت على أن «رئيس مجلس الإدارة وأعضاءه مسؤولون تجاه الشركة والمساهمين والغير عن جميع أعمال الغش وإساءة استعمال السلطة، وعن كل مخالفة للقانون أو لعقد الشركة، وعن الخطأ في الإدارة».
وأشارت المصادر إلى أن «هيئة الأسواق» تسارع بين الحين والآخر نحو وضع النقاط على الحروف في ما يخص القضايا الشائكة التي تمس شرائح واسعة من المساهمين، مؤكدة أن الهيئة، وفي مختلف توجهاتها التنظيمية والتشريعية والرقابية، تعلي من شأن المصلحة العامة أولاً على المصالح الخاصة.
وأضافت أن تكريس مقومات العدالة والشفافية والنزاهة في سوق المال لا يمكن أن تستقيم مع استمرار إدراج شركاتٍ فقدت قدرتها على تلبية متطلبات الإدراج، وأن الأضرار في هذه الحالة لن تقتصر على مساهميها فقط، بل على المستثمر المحتمل، إذ إن كثرة الشركات غير المستقرة مالياً وإدارياً ستضرب بكل تأكيد سمعة السوق المحلي ومعدلات الثقة فيه، وبالتالي تمتد انعكاساتها السلبية للاقتصاد الوطني عموماً.